الجمعة، ١٢ أكتوبر ٢٠٠٧
سعيد

بعد أن سقى سعيد النخله ... نظر إلى بقية الشجر في الحديقه ... لقد سقاهم جميعا ... و لم يعد هناك ما يتوجب عمله سوى الجلوس بجانب الباب الخارجي ... فقد قاربت الساعه على الثانية و النصف ظهرا


و لم يطلب منه أحد أن يجلس هكذا بجانب الباب في هذا الوقت الحار ... لا أبيه الذي يعمل خادما في المنزل ... و لا سيده العم بو عبدالله ... و لكنه إعتاد على الجلوس بجانب الباب كل صباح و كل ظهيره ... و هما موعد ذهاب و مجيء هند من و إلى الجامعه


و هند هي بنت بوعبدالله ... هي حب سعيد الذي ليس له أول و لا آخر ... و إن كان سعيدا لا يرضى أن يفكر بها كحبيبه أو عشيقه ... فالحب هو نوع من أحاسيسنا .. و العشق توصيف لعلاقة من علاقاتنا ... أما هند ... فهي الحياة بالنسبة له ... الحياة بجميع أحاسيسها و علاقاتها


ولدا معا في نفس الشهر ... و كبرا معا ... ولعبا معا ... و نما مع السنين إرتباطهما ببعض ... أحاديث الحب التي تبادلاها صغارا صارت أكثر نضجا عندما وصلا إلى سن المراهقه ... و قد كان بوعبدالله يعلم بالأمر و لكنه لم يفعل شيئا ... فهو يدرك تماما بأن الأمور ستتغير في قلب و عقل هند مع السنين ... و لم يخطىء بوعبدالله في حساباته


فعندما دخلت هند الجامعه ... إكتشفت إن سعيد هو بن سعيد ... الخادم ... كأنما لم تدرك هذه الحقيقه إلا حينما لاحقها بالجامعه أبناء التجار و المليونيرات ... كانت ترى زميلاتها الأقل منها حظا بالجمال و المال على علاقه مع أبناء الكبار ... و إنتبهت إلى ملابس سعيد الرخيصه ... و إنتبهت إن سعيدا لن يستطيع شراء سيارة تضاهي سيارات الكبار .. بل و لاحظت للتو أن سعيد يحمل أكياس الجمعيه حينما تعود والدتها من الخارج ... و انتبهت إن أخاها عبدالله يعطي ملابسه و أحذيته القديمه لسعيد كي يرتديها ... و تذكرت كيف كان كان أبا سعيد ينهر ابنه عندما تثور كرامته و يرفض ارتداء تلك الملابس


لم تمر السنه الجامعيه الأولى ... إلا و كانت هند قد بدلت سعيد بأسامه ابن تاجر العقارات الكبير ... و قررت أن تعامل سعيد كما تعامل بقية الخدم ... و أوصلت له رسالة مفادها إنه -للأسف- ابن بوسعيد


بالرغم من حصول سعيد على الدبلوم من أحد المعاهد ... و توسلات أباه له بأن يعمل في أحد الشركات حتى لا ينتهي به المطاف خادما كأباه ... إلا أن سعيد رفض ... و باع مستقبله ... و طموحه ... من أجل أن يجلس بجانب الباب ... صباحا و ظهيرة ... ينتظرها ... و هو لا يرى أن في الدنيا شيء أهم من ذلك
 
posted by راعيها at ٥:٢٣ م | Permalink |


7 Comments:


  • At ١٤ أكتوبر ٢٠٠٧ في ١٢:٢٤ ص, Blogger محـــــارة

    عوده حميده .. نتمنى ماتغيب كل هالغيب

    بالنسبه لسعيد قدره أن طمح أكثر من مابيده بس الحب مايعرف ولا يفهم المقايس ولا المفروض ولكن

    هذي شرعية الحب وهذي فطرته أنه ينولد بدون تخطيط ويعيش ويبقى بأصعب الظروف لكن الي يفرق أنه لما ينولد بظروف تنميه يكون ممتع ولما ينولد بظروف متعبه تألم الي عايشين فيه مثل ما صار مع سعيد

    بالرغم أن أسمه سعيد بس بقى بحلمه وخياله سعيد لكن بواقعه يمكن عيد :) والله يعين كل المحبين المحرومين ويسعد الي متهنين بحبهم

    وليت النهايه حلوه لاعت جبدنا من التعاسه أنا هديت المسلسلات الخليجيه والسبه النظره السوداء الي فيها خلنا نتخيل كله حجي أحنا خسرانين شيء :) وخل الواقع للواقع مع دموعه وأهاته

    وااصل واسمحلي على الكلمه خل عنك الكسل

     
  • At ١٥ أكتوبر ٢٠٠٧ في ٨:٥٧ ص, Blogger راعيها

    يعطيج العافيه

    شكرا على التشجيع
    أعتقد النهايه كانت سعيده بالنسبه له:) .. هذا كان منتهى طموحه

    السعاده مسأله نسبيه ... المهم احساسنا فيها ... مو المهم سببها

     
  • At ١٧ أكتوبر ٢٠٠٧ في ٢:٤٤ ص, Blogger bo9ali7

    انتظرناك طويلا

    .
    .
    عجبني رايك في اخر سطر
    انه توجد امور اهم

    اجمل ما قرات اليوم

     
  • At ١٨ أكتوبر ٢٠٠٧ في ٢:٥٦ م, Blogger أبو إسحق

    الفقير فقير حتى بالحب :)

    اشتقنا لك

    تحياتي

     
  • At ١٩ أكتوبر ٢٠٠٧ في ٨:٤٣ ص, Blogger راعيها

    الأخ بوصالح و الأخ بو إسحاق

    مشكورين على كلماتكم الجميله و تشجيعكم

    انقطعت بسبب مشاغل الدنيا و اعادة التأقلم في الكويت

     
  • At ٢٥ يناير ٢٠٠٨ في ١٢:٥٧ ص, Blogger ذات عقل خشبيّ

    لم يكن فقيــراً


    لأن لديه كبريــاء ومشــاعر ..




    وهي الحيــاة كذلك ..


    رغم أننا حفظنا النهايّة


    إلا إننا نحبّها بهذا الأسلوب المختلف


    لا تغيب القضية بكثـرة انتشــارها !


    هذا العرق لا زال ينضح من جبين مجتمعنا !



    وقد كنتَ مميزاً في تصويره هنــا

    من منطلق :



    السعاده مسأله نسبيه ... المهم احساسنا فيها ... مو المهم سببها



    على هذه الصفحة أوضحت لنـا مفهوم نسبية حبّ الفقيــر من زاوية أخرى ..


    ربّما ....




    لم نتجرأ على القرب منها !

     
  • At ٣٠ أبريل ٢٠٠٨ في ٧:١٤ م, Blogger لؤلؤة

    راعيها
    هند وسعيد نموذج للبشر في ها الدنيا
    هند اختارت اللي ناسبها ...
    وسعيد في يوم بيختار اللي أحسن له من قعدة الباب ...ينتظر..