الخميس، ٥ أبريل ٢٠٠٧
الفوضوي


عدد الفنانين في الوطن العربي قليل جدا .. فمعظم من نراهم في صفحات الجرائد و على شاشات التلفاز هم مجرد مشاهير .. أما من يسري في عروقهم الفن والابداع فهم قلة

بليغ حمدي .. الملحن الكبير .. والكبير جدا .. فنان لا نستطيع ان نخترع كلمات بقدر موهبته .. و لن أطيل الحديث في وصفه .. الإستماع الى اغنية العيون السود لورده أو أغنية بعيد عنك لأم كلثوم أو لأغنية كان يا ما كان لمياده الحناوي تكفي لمعرفة أي فنان كان .. و اذا لم تقتنعوا .. استمعو لموعود و اي دمعة حزن لا و مداح القمر لعبدالحليم حافظ

المهم .. بليغ حمدي حمدي هذا كان مريضا نفسيا .. جميع تصرفاته وما نقله عنه زملاؤه تفيد بأنه مصاب بمرض
bipolar mood disorder


و هو مرض نفسي معروف يتقلب فيه مزاج المريض من الفرح الشديد و النشاط الزائد إلى الأكتئاب و الانزواء .. لكنه له ميزه كبيره .. هو انه يجعل المريض خلاقا ومبدعا .. و تتولد الأفكار برأسه بشكل متواصل .. خصوصا اذا كان مصاب بالنوع الثاني وهو الاقل تأثيرا على تصرفات و قدرة المريض على التواصل مع الناس


مثال على ذلك ما رواه الاعلامي الشهير وجدي الحكيم .. يقول انه كان في منزل بليغ حمدي عندما تذكر فجأه انه على موعد مع أم كلثوم لمراجعة بروفة أغنية بعيد عنك .. و ذهبا معا الى هناك بسرعه .. وكانت أم كلثوم تنتظر بليغ و هي المعروفه بحرصها على المواعيد المضبوطه .. ماذا حصل عند بيت أم كلثوم؟

طلب بليغ من وجدي ان يدخل بيت ام كلثوم لكي يركن السياره و يتبعه .. و فعلا دخل وجدي الحكيم .. ووجد أم كلثوم غاضبه .. وانتظروا بليغ ليركن السياره .. خمس دقائق .. ربع ساعه .. ساعه .. ساعتان .. ولم يأتي بليغ

في اليوم التالي .. إتصل بليغ على وجدي الحكيم معتذرا .. فقد توجه الى المطار و سافر الى بيروت بعد ان تركه في منزل أم كلثوم !! .. دون تفسير مقنع

نوبات السفر المفاجيء حدثت بشكل متكرر مع بليغ .. و رواها الكثيرون .. مثل الشاعر كامل الشناوي الذي تركه بليغ على مائدة الطعام في بيت بليغ و ذهب للمطار وسافر .. وكامل يعتقد انه ذاهب لغسل يديه

لو كنت طبيبا .. هل كنت ستعالج بليغ حمدي؟ .. ماذا سينتج عن علاجك له؟ .. سيفقد أفكاره الخلاقه بالتلحين وابداعاته

على العموم .. بليغ حمدي راح ضحية واحده من نزواته وفوضويته .. ففي إحدي السهرات في منزله .. كانت هناك فتاة مغربيه بمنزله كان سيلحن لها .. اسمها سميره مليان .. في نهاية السهره .. وجدوا سميره عاريه وميته في حديقة منزله .. و هرب بليغ حمدي الى باريس خوفا من السجن على الرغم من برائته .. وعاد بعد خمس سنوات بعدما حكمت المحكمه ببرائته
قبل وفاته .. كتب شعرا و لحنه .. و طلب من مطلقته ورده الجزائريه غنائه .. الأغنيه كانت (بودعك) .. وتوفي بعدما غنتها ورده بقليل
الحديث عن بليغ حمدي يطول .. ربما متهورا .. ربما مستهترا .. ربما مندفعا .. لكنه يظل عملاقا

قال عنه محمد عبدالوهاب ( بليغ حمدي ربما أنعم عليه بجمل موسيقيه عبقريه .. لكنه يسهر مع ناس لا يجب أن يخالطهم .. ويمنح ألحانه لمن لا يستحقها) .. و أم كلثوم علقت على فوضوية بليغ و عدم إهتمامه بتلميع انتاجاته كما يفعل غيره بأنه (يرمي أعماله في الترع و المصارف) .. هذه كانت شهادتهم به .. وبمرضه
 
posted by راعيها at ١:٢٤ ص | Permalink |


1 Comments:


  • At ٢٣ سبتمبر ٢٠١٢ في ٩:٥٠ ص, Anonymous غير معرف

    بالفعل سيدي قلما نجد من نطلق علية لقب فنان . وبليغ حمدي من هذه القلة التي وهبها الله موهبة لا أستطيع أن أصفها بالكلمات أو أجد لها مسمى . ومن يستمع لألحانه مع أم كلثوم أو عبد الحليم أو وردة وعفاف راضي وحتي الأغاني التي سجلها بصوته أثناء التلحين سوف يفهم ما أقصده بهذه الموهبة التي لا أستطيع أن أجد لها مسمى غير أني أطلق عليها أحيانا ( الإحساس العال ِ ) وربما ( الشجن ) . فرحم الله بليغ الذي أسعدنا و أبكانا في آن واحد بألحانه وإحساسه .